النساء الجزائريات في الأوساط الأكاديمية والأدبية: التغلب على التحديات في مجال البحث والمناصرة
هل تساءلتَ عن الجانب الخفي لمساهمة النساء في العالم الكتابة؟ في حين أن الكثير منا قد يكون لديه بعض الأسماء في الاعتبار، الحقيقة هي أن مساهمات النساء في الأبحاث والأوساط الأكاديمية غالبًا ما يتم تجاهلها. على الرغم من مرونتهن التي لا يمكن إنكارها من خلال الفن والأدب والمجلات، فإن الغالبية العظمى منهن تتجاهل الجانب الأكاديمي. الميدان الذي يلعب فيه البحث دورًا هائلاً في التلميح وسد الثغرات التي يمكن أن تعيق الطريق نحو عالم متساوٍ وعادل. في الجزائر على سبيل المثال، الأسماء مثل مرنيا لزرڨ وزهية صالحي معروفة لعدد قليل جدًا من الأشخاص. ويرجع ذلك إلى مجموعة متنوعة من التحديات التي يواجهها الطلاب والباحثات العاملات في الحركة النسوية الجزائرية، وعلى الرغم من كونها رحلة مبهجة، إلا أنها رحلة مليئة بالعقبات التي يجب معالجتها. في هذا المقال، لن نتعمق في هذه الصعوبات فحسب، بل سنستكشف أيضًا الحلول المحتملة للتغلب عليها.
التحديات التي تواجهها الطلاب والباحثون الجزائريون
أحد التحديات الأساسية التي يواجهها الباحثون العاملون في هذا الموضوع هو الوصول المحدود إلى المراجع والإحصاءات ذات الصلة. سواء كانت مرتبطة بمعدل العنف أثناء الجائحة أو خلال التسعينيات والعهد الاستعماري، لا تزال البيانات غير مُتاحة بسبب عوامل مختلفة، بما في ذلك نقص الموارد والبنية التحتية، وفرص التمويل المحدودة، والحساسية السياسية لقضايا النساء في الجزائر. ذكرت دراسة حول العنف ضد النساء أجرتها الأورو-متوسطية للحقوق في عام 2021 ما يلي: “هناك نقص في البيانات المتاحة حول العنف ضد النساء والأرقام التي يمكن الوصول إليها تأتي بشكل أساسي من مصالح الشرطة. نظرًا لأن العديد من النساء لا يبلغنّ عن العنف الذي يتعرضن له، فإن هذه البيانات لا يتم الإبلاغ عنها نسبيًا. [1]
نتيجة لذلك، يكافح العديد من الباحثين للعثور على بيانات دقيقة وموثوقة لدعم أبحاثهم، مما قد يعيق تطوير السياسات والبرامج القائمة على الأدلة والضرورية لتعزيز حقوق النساء والعدالة الاجتماعية.
بالإضافة إلى الوصول المحدود إلى البيانات، يواجه الطلاب والباحثون أيضًا صعوبات في الوصول إلى الأرشيفات المتعلقة بالحركة النسوية الجزائرية. توجد هذه المحفوظات بشكل أساسي في الجمعيات الموجودة في المدن الكبرى والعاصمة، مما يجعل من الصعب على الطلاب من المدن الصغيرة أو المناطق الريفية الوصول إليها. هذا التوفر المحدود للأرشيف يقيد وصول الطلاب إلى الأدلة الواقعية ويعيق قدرتهم على إجراء بحث هادف حول هذا الموضوع المهم.
التحدي الكبير الآخر الذي يواجه الطلاب والباحثين الجزائريين هو حاجز اللغة، لا سيما عند إجراء البحوث باللغة الإنجليزية. معظم المصادر والمنشورات الأكاديمية حول قضايا النساء باللغتين الفرنسية أو العربية، والتي يمكن أن تكون عائقا أمام الباحثين الذين قد لا يتمتعون بالكفاءة في ترجمة البيانات المطلوبة. علاوة على ذلك، يمكن أن يؤدي غياب التمويل في العديد من المؤسسات الأكاديمية الجزائرية إلى محدودية الوصول إلى المجلات والمقالات المدفوعة، والتي بدورها يمكن أن تعيق قدرة الطلاب والباحثين والقراء على البقاء على اطلاع بأحدث الأبحاث المتعلقة بقضية الحركة النسائية الجزائرية. نتيجة لذلك، قد لا يكون الكثيرون على دراية بالعمل المهم الذي يقوم به العلماء الجزائريون في هذا المجال، لا سيما إذا تم نشر عملهم في المجلات الأكاديمية الدولية التي تتطلب اشتراكًا أو رسومًا للوصول إليها.
النهوض بالبحوث حول قضايا النساء في الجزائر: الحلول المقترحة للتغلب على التحدي الرئيسي
يتمثل أحد الحلول الممكنة لمواجهة التحديات التي يواجهها الباحثون الجزائريون في إقامة صلة مباشرة بين المنظمات والجمعيات المكرسة لقضية الحركة النسوية الجزائرية، مثل شبكة وسيلة وجمعية نساء جزائريات مطالبات بحقوقهنّ والجريدة النسوي الجزائريةوجمعية جزائرنا وغيرها، باستخدام التكنولوجيا والمنصات الرقمية التي يمكنها ربط الطلاب بالموارد ذات الصلة بالأنظمة الأساسية، بغض النظر عن موقعهم الجغرافي. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يساعد الاستثمار في المنظمات والتجمعات المحلية في المدن الصغيرة والمناطق الريفية في زيادة الوصول إلى الموارد المتعلقة بالقضية. أحد الأمثلة على ذلك هو مركز المعلومات والتوثيق حول حقوق الطفل والمرأة (CIDDEF) [2]، والذي يهدف إلى تعزيز الوعي بحقوق الطفل والنساء والمواطنة من خلال قنوات الاتصال المختلفة وتثقيف المهنيين وأعضاء الجمعيات في مجال النوع الاجتماعي والمواطنة. التطوير وإدارة المشاريع والاتصال. علاوة على ذلك، يقوم المركز بإجراء البحوث وتعزيز الشراكات المؤسسية والشبكات على المستويين الوطني والإقليمي.
لذلك، من خلال تحويل الأرشيفات المادية إلى تنسيقات رقمية، مثل مشروع ارشيف نضالات النساء الجزائريات “Archives Des Luttes des Femmes en Algérie 3” الذي يجمع شهادات الناشطات عبر التاريخ الجزائري، يمكن الوصول بسهولة إلى الموارد والبحث فيها عبر الإنترنت. لا تعمل الرقمنة على تحسين الوصول إلى الموارد فحسب، بل تساعد أيضًا في الحفاظ عليها للأجيال القادمة. بالإضافة إلى ذلك، فإن إنشاء شراكات مع مؤسسات ومنظمات خارج الجزائر يمكن أن يسهل تبادل المعرفة والموارد المتعلقة بالأرشفة. يمكن أن يفيد هذا الباحثين والطلاب العاملين في قضية الحركة النسوية الجزائرية في نهاية المطاف من خلال زيادة الوصول إلى مجموعة واسعة من الموارد والمعرفة.
تمثيل المرأة الجزائرية في الأدب
الكتابة والنضال أداتان قويتان يكمل كل منهما الآخر. الأدب، سواء في شكل شعر أو نثر أو خيال، يعمل كأداة حاسمة لتأريخ نضالات وانتصارات حركات العدالة الاجتماعية. إنه يوفر وسيلة للحفاظ على تاريخ أولئك الذين تم تهميشهم وتجاهلهم، ويوفر منبرًا لسماع أصواتهم. من ناحية أخرى، يوفر النضال أرضًا خصبة لازدهار الأدب، لأنه يغذي نيران التغيير ويدفع التقدم في المجتمع. لطالما كان الكتاب الجزائريون في طليعة التطور الاجتماعي في البلاد، مستخدمين كلماتهم لتحدي الأعراف الجنسية وتضخيم أصوات النساء المناضلات من أجل العدالة الاجتماعية. كما عبرت ناريمان ببلاغة – ناشطة شابة – في مقابلة سابقة:
“يجب أن نكتب! سواء كانت قصائد أو دراما أو روايات أو كما في حالتي في شكل يوميات على موقع الويب الخاص بي “الكاهنات” [4]”. “لأننا لن نصل إلى هذا الحد لولا النضالات الماضية التي خاضها أسلافنا … إذا لم نقرأ كتبهم ودعوتهم الشجاعة للقضية، فلن يكون لدى أي منا هذه الشعلة والغضب لمواصلة القتال من أجل العدالة […] لقد تعلمت أنا والعديد من النساء الكثير من الجهود التي بذلتها مؤسسات مشروع ارشيف نضالات النساء الجزائريات، وكان من الممكن نسيان هؤلاء النساء اليوم لو
لم يكن ذلك بفضل الوثائق القليلة التي تم جمعها”. (2021)
من خلال فن سرد القصص، يمكن للكتاب إثارة التعاطف وخلق صلة بين القراء ونضالات المجتمعات المهمشة، وخاصة الجزائرية.
تكافح النساء من أجل العدالة الاجتماعية. من خلال تصوير قوتهن ومرونتهن، يمكن للمؤلفين تحدي الصور النمطية التي طالما استمرت في الأدب، وتصوير النساء على أنهن مجرد أشياء للرغبة أو رموز للقمع. بدلاً من ذلك، من خلال خلق شخصيات نسائية معقدة وقوية، يمكن للكاتبات الجزائريات إلهام التغيير المجتمعي والمساهمة في تمثيل أكثر إيجابية للمرأة الجزائرية في الأدب. كما أكدت مينا، الكاتبة الجزائرية الشابة وصانعة المحتوى، من الضروري أن تكتب من مكان العمل بدلاً من موقع الضحية، لخلق أدب يلهم جيلًا جديدًا للانضمام إلى الكفاح من أجل المساواة.
لماذا نحتاج إلى بحث أكاديمي وكيف يمكن أن يؤثر على النشاط الميداني؟
البحث مهم لأنه يوفر فهمًا أعمق للقضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. على أرض الواقع، يمكن للبحوث أن تفيد عمل النشطاءوالمناضلين، وتوفر الحجج القائمة على الأدلة والاستراتيجيات للمناصرة وتغيير السياسات. يضمن التعاون مع الباحثين لأن جهود النشطاء ترتكز على بيانات دقيقة، وأن يكون صراخهم واضحًا ومقنعًا. من خلال هذا التعاون، يمكنهم أيضًا الاستفادة من قوة البحث للحصول على دعم أوسع، بما في ذلك من صانعي السياسات والممولين وعامة الناس. وهكذا يمكن تحقيق الوعي الجماعي بقضية النساء الجزائريات من خلال تنظيم ورش عمل وندوات ومؤتمرات دولية للتبادل المشترك.
توصيات بالكتب الأكاديمية والأبحاث
بالنسبة لأولئك الذين يرغبون في التعمق في الموضوع، أوصي بمراجعة الكتب والأوراق البحثية التالية. للوصول إلى هذه الموارد، قمت بتضمين رابط إلى مستند Google-drive
“بلاغة الصمت” لمارنيا لزرڨ
الحركة النسوية الجزائرية بين القومية ، الأبوية والإسلامية زاهية إسماعيل الصالحي
- المرأة الجزائرية وعقد الصدمة للداودي أنيسة
- سياسات النشاط الذي يركز على المرأة والأوساط الأكاديمية والدولة في الشرق الأوسط و
شمال أفريقيا لروث أبو راشد وزاهية إسماعيل الصالحي
- الكتابة ما بعد الصدمة : آسيا جبار وميسا باي وهويات وطنية جديدة بعد ذلك
الحرب الأهلية الجزائرية لمريم بلقايد
في الختام، تسليط الضوء على مساهمات النساء الجزائريات في الحركات الاجتماعية والسياسية في البلاد له أهمية كبيرة، ليس فقط للحفاظ على إرثهن ولكن أيضًا لإلهام الأجيال القادمة. من الأهمية بمكان استكشاف هذا الموضوع في كل من البحث الأكاديمي والأدب، حيث تعمل هذه الأعمال المكتوبة كوسيلة لتوثيق هذه القصص المهمة وتخليدها. من خلال الأدب والخيال، يمكن للقراء تنمية تعاطفهم وفهمهم للمظالم الموجودة وكيفية التغلب عليها. لذلك، من المهم الاستمرار في تعزيز ودعم كتابة ودراسة مساهمات النساء الجزائريات في المجتمع. Google-drive- توصيات
ملاحظات
– CIDDEF-مركز الإعلام والتوثيق حول حقوق الطفل والمرأة
–جمعية جزائرنا : تأسست جمعية جزائرنا لضحايا الإرهاب في 17 أكتوبر 1996 من قبل عائلات ضحايا الإرهاب والناجين من المجازر في منطقة متيجة. يهدف إلى الدفاع عن المصالح المادية والمعنوية لضحايا الإرهاب في المنطقة. وتقديم المساعدة النفسية والقانونية للنساء والأطفال ضحايا العنف من خلال خلية استماع “.
: ‘Les Femmes algériennes Revendiquent leurs droits’ FARD- جمعية نساء جزائريات مطالبات بحقوقهنّ ، هي جمعية تأسست عام 1995 ، وتعمل من أجل المساواة في الحقوق بين الرجل والمرأة ، وكذلك تكافؤ الفرص في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لكلا الجنسين.
–الجريدة النسوية الجزائرية : مؤسسة نسوية جزائرية.
– شبكة وسيلة : شبكة وسيلة ، أو جمعية مناهضة للعنف ضد النساء والأطفال (Avife)، هي شبكة من الجمعيات والمؤسسات المناضلة من أجل حقوق النساء في الجزائر، تأسست في أكتوبر 2000.
- https://euromedrights.org/wp-content/uploads/2021/03/Violence- against-women-in-Algeria.pdf
- https://ciddef-dz.com/
- https://archivefemdz.hypotheses.org/
- http://elkahinate.wordpress.com/